كيف تستمدين قوتكِ من الله وتتجنّبين المقارنة؟
القوة الحقيقية للمرأة ليست في مقارنتها بغيرها، ولا في سباقها مع ما تفعله الأخريات. إنّها في اتصالها العميق بالله، في يقينها بأن ما كُتب لها لن يأخذه أحد، وما رزقها الله لن يُنقصه شيء.
المقارنة تُضعفكِ، تستنزف طاقتكِ، تجعلكِ تائهة بين "ماذا عند فلانة؟ ولماذا ليست عندي؟". بينما القوة التي تستمدينها من الله ترفعكِ فوق هذا كله، وتمنحكِ هدوءًا وسكينة لا تُشترى.
في هذا المقال سنغوص معًا بخطوات عملية وواقعية، لنعرف كيف تبنين قوتكِ من مصدرها الأصلي: الله، بعيدًا عن المقارنة والغيرة.
المقارنة: الفخّ الذي يسرق سعادتكِ
أول ما يجب إدراكه أنّ المقارنة ليست منافسة عادلة.
-
أنتِ لا ترين الصورة الكاملة لحياة الآخرين. قد تظنين أنّ صديقتكِ أسعد لأنّها تملك مالًا أو جمالًا أكثر، بينما في الخفاء تعاني من ضغوط أو نقص في جوانب أخرى.
-
المقارنة تضعكِ في دائرة لا تنتهي: كلما حصلتِ على شيء، يظهر شخص آخر يملك أكثر. وهكذا لا تنعمين بالرضا أبدًا.
-
المقارنة تُطفئ الشكر، لأنكِ بدل أن تنظري لنعمكِ، تُشغلين نفسكِ بما عند غيرك.
القوة لا تُبنى هنا، بل تُسرق منكِ دون أن تشعري.
القوة التي يمنحها لكِ الله مختلفة
عندما تتصلين بالله، قوتكِ لا تعود مرتبطة بالناس.
-
في الرزق: تؤمنين أن رزقكِ لن يتجاوزه أحد، وأن الله يوزّع الأرزاق بحكمة.
-
في الجمال: تفهمين أن جمالكِ خاص ومميز، وأنه ليس نسخة من أحد.
-
في العلاقات: تدركين أن الحبّ والقبول الحقيقي يأتي من الله أولًا، لا من نظرات الناس.
هذه القناعة تمنحكِ طمأنينة داخلية، تجعل خطواتكِ ثابتة، وتحرركِ من اللهاث وراء مقارنة لا تنتهي.
كيف تستمدين قوتكِ من الله عمليًا؟
1. البداية بالشكر الواعي
كل صباح، قبل أن تُمسكي هاتفكِ، خذي دقيقة لتذكري ثلاث نِعم تعيشينها. قد تكون صحتكِ، بيتكِ، أو حتى لحظة نفسٍ جديد. الشكر يحرركِ من المقارنة، لأنكِ تلتفتين لما عندك لا لما عند غيرك.
2. الدعاء لا التذمّر
بدل أن تقولي: "لماذا فلانة حصلت على كذا وأنا لا؟"، قولي: "يا رب، ارزقني ما ينفعني، وبارك لها فيما رزقتها." الدعاء يحوّل الغيرة إلى طاقة إيجابية.
3. العبادة مصدر شحن داخلي
الصلاة ليست مجرد أداء حركات، بل شحن يومي. حين تسجدين لله وتسكبين همومكِ، تشعرين أن ظهركِ أصبح أقوى. هذا يقين عملي، وليس كلامًا نظريًا.
4. استحضار اليقين بالعدل الإلهي
الله عادل، يعطيكِ ما يناسبكِ في الوقت المناسب. المقارنة تجعلكِ تتعجلين، بينما الثقة بالله تعلّمكِ الصبر وانتظار الأجمل.
5. تقليل التعرّض لمصادر المقارنة
وسائل التواصل الاجتماعي هي أكبر مسرح للمقارنات. قلّلي من وقتكِ هناك، أو تابعي فقط من يلهمكِ بالخير.
سيناريوهات من الواقع
في العمل:
بدل أن تنظري لزميلتكِ التي حصلت على ترقية وتتساءلي "لماذا ليست أنا؟"، قولي: "يا رب، اجعلها خيرًا لها، وافتح لي بابًا يناسبني." هذا التحوّل يخرجكِ من دائرة الغيرة إلى دائرة السعي.
في الزواج:
ترين صديقتكِ يشتري لها زوجها الهدايا باستمرار، فتبدأ المقارنة. لكن حين تستمدين قوتكِ من الله، تفكرين: "الله يعلم احتياجاتي، وسيعوضني بما يناسبني." هنا تتحولين من مرارة الحسد إلى طمأنينة الرضا.
في المظهر:
تدخلين مناسبة وترين نساء أجمل أو أنحف. بدلاً من الغيرة، تستحضرين أن الله منحكِ جمالًا يليق بكِ، وأن كل امرأة تحمل لمسة فريدة.
خطوات عملية لتعزيز قوتكِ الإيمانية
الأخطاء التي تمنعكِ من استمداد القوة من الله
-
التذمّر المستمر: كثرة الشكوى تجعلكِ عمياء عن النعم.
-
مقارنة خفية: حتى التفكير الداخلي "لو كنت مثل فلانة..." يضعفكِ.
-
الاعتماد على الناس في تقييمك: تنتظرين إطراءهم لتشعري بالقيمة.
-
نسيان الدعاء: الغيرة تشتعل حين تنسي أن بيد الله كل شيء.
النتيجة التي ستحصدينها
-
راحة بال لا يزعزعها نجاح الآخرين.
-
ثقة داخلية تجعلكِ أكثر إشراقًا وجاذبية.
-
علاقات صحية، لأنكِ لا تدخلينها من موقع الغيرة بل من موقع الامتلاء.
-
سعي أذكى، لأنكِ تركزين على تطوير نفسكِ لا على مراقبة غيركِ.
الخلاصة: القوّة الحقيقية مصدرها الله
النساء اللواتي يركّزن على المقارنات يعيشن حياة من الاستنزاف. لكن المرأة التي تستمدّ قوتها من الله تعرف أن قيمتها ثابتة، رزقها محفوظ، وحياتها مصمّمة لها وحدها.
لا تسمحي للمقارنات أن تسرق نوركِ. استمدّي طاقتكِ من خالقكِ، وستشعرين أنّكِ أقوى، أهدأ، وأجمل داخليًا وخارجيًا.